لكل حضارة “أساطيرها” المؤسسة. قصصٌ تروى ليس فقط لتمضية الوقت، بل لتحديد “هوية” البطل ومعنى “النجاح” في تلك الأرض.
في “عالم” ريادة الأعمال الحديث في الشرق الأوسط، نحن نشهد ولادة “ملحمتين” (Epic Sagas) مختلفتين تماماً، إحداهما “مصرية” والأخرى “خليجية”. هما ليستا مجرد “شركات”، بل “أساطير” حية تروي قصة “البطل” في كل بيئة.
إنهما قصة “الفينيق” وقصة “التيتان”.
الملحمة الأولى: “الفينيق” (أسطورة “فوري” المصرية)
البطل: “الفينيق” (Phoenix) – الطائر الأسطوري الذي يولد من الرماد. البيئة: “الفوضى” (Chaos) المنظمة.
القصة: في مصر، “النجاح” لا يُبنى في “مختبر” معقم ونظيف. النجاح “يولد” من “قلب” المشكلة، من “الرماد” الناتج عن “الاحتكاك” (Friction) اليومي.
“الأسطورة” المصرية الأعظم هي قصة شركة “فوري” (Fawry).
“فوري” لم تُخلق في “وادي السيليكون”. لقد وُلدت في “طابور” دفع الفواتير المصري. وُلدت من “ألم” الملايين الذين يقضون ساعات كل شهر (في الحر، في الزحام) لدفع فاتورة الكهرباء، أو شحن الهاتف.
“الوحش” (The Beast) الذي حاربته “فوري” لم يكن “منافساً” تكنولوجياً، بل كان “وحش” البيروقراطية، و”ثقافة الدفع النقدي” (الكاش)، و”غياب” الثقة في المعاملات الرقمية.
البطولة (The Heroic Act): بدلاً من “محاربة” هذا “الوحش” (كما تفعل الشركات الغربية)، قام “الفينيق” (فوري) “باحتوائه”. هو لم “يقتل” “الكشك” (البقال) الصغير، بل “تحالف” معه. لقد أعطى “جهازاً” صغيراً (POS) لهذا “الكشك”، وحوله من “بائع” بسيط إلى “نقطة” دفع إلكتروني.
لقد “بنى” شبكته “فوق” الشبكة القديمة. وعندما جاء “الوباء” (كورونا) و”احترق” العالم القديم، كان “الفينيق” هو “الناجي” الوحيد. لقد “ولد من جديد” كـ “العمود الفقري” للمدفوعات الرقمية في مصر، وهو أول “يونيكورن” تكنولوجي يولد من “رحم” هذه الفوضى.
الدرس (The Moral): النجاح “المصري” هو “صلابة” (Grit). إنه فن “تحويل” الفوضى إلى “نظام”، وفن “البناء” بأقل الموارد المتاحة.
الملحمة الثانية: “التيتان” (أسطورة “كريم” الخليجية)
البطل: “التيتان” (Titan) – العمالقة الأوائل الذين “شكلوا” العالم. البيئة: “الرؤية” (Vision) والموارد اللامحدودة.
القصة: في الخليج (تحديداً دبي والرياض)، “النجاح” ليس “رد فعل” على “الألم” (كما في مصر)، بل هو “فعل” استباقي “لبناء” المستقبل.
“الأسطورة” الخليجية الأعظم هي قصة شركة “كريم” (Careem).
“كريم” لم “تولد” من “نقص” الموارد، بل وُلدت من “وفرة” الطموح. “الوحش” الذي حاربته “كريم” لم يكن “الفوضى”، بل كان “التجزؤ” (Fragmentation). كانت “سوقاً” (الخليج، ثم المنطقة) مقسمة بعشرات “الثقافات”، و”العملات”، و”اللوائح” التنظيمية.
البطولة (The Heroic Act): “التيتان” (كريم) لم “يتأقلم” مع الواقع، بل “صنع” واقعاً جديداً. لقد استخدم “قوته” (رأس المال الجريء الهائل) ليس فقط “للتشغيل”، بل “لتشكيل” السوق.
- هو “علم” السوق “الدفع الإلكتروني”.
- هو “تصارع” مع “اللوائح” القديمة و”أجبرها” على التغير.
- هو “وحّد” (بشكل غير مسبوق) منطقة تمتد من “المغرب” إلى “باكستان” تحت “تطبيق” واحد، “برؤية” واحدة.
“كريم” لم “تحل” مشكلة صغيرة. لقد “بنت” “طريقاً سريعاً” (Highway) رقمياً هائلاً، ثم “باعت” هذا الطريق لـ “تيتان” آخر (أوبر) في صفقة بـ 3.1 مليار دولار.
الدرس (The Moral): النجاح “الخليجي” هو “الرؤية” (Vision) و”الحجم” (Scale). إنه فن “استخدام” الموارد لبناء “المستحيل”، وبسرعة تفوق الخيال.
الخاتمة: (الأرض المشتركة)
“ملحمتان” مختلفتان، انطلقتا من “تربة” مختلفة.
“الفينيق” المصري علمنا “الصلابة” وكيف “تنجو” وتبني من “اللاشيء”. و”التيتان” الخليجي علمنا “الطموح” وكيف “تبني” كل شيء.
وكلاهما، “الفينيق” و”التيتان”، يشكلان معاً “الأساطير” الجديدة التي تلهم “الأبطال” الشباب في كل مكان.